القيم الاسلامية


القيم ومنزلتها في حياة الانسان
جاء الاسلام  يقيم للانسان الأسس ، ويضع له القواعد ، التي تكفل استقامته في انطلاقه للعلم والمعرفة والتجربة؛ كما تكفل له استقامة الحياة الواقعية التي يعيش في ظلها - وفق شريعة الله - فلا يضغط عليه الواقع لينحرف بتصوراته ومناهجه لتحقيق حقيقة الإيمان في النفس ، التي تنبثق منها القيم . فالانسان بلا قيم يعاني من قسوة في القلوب وفسق في الأعمال ،حينما نضع قيم الدنيا كلها في ميزان الله إلى جانب قيم الآخرة  وترجح كفة الآخرة ويبدو فيها الجد الذي يستحق الاهتمام
القيم الاسلامية مترابطة الحلقات تتوالى إيقاعاتها على القلوب لتعميق أثرها في القلب بالقيم الاسلامية تتعلق القلوب بقدر الله فيها . في السراء والضراء سواء  وترتبط أحاسيسهم كلها بالسماء .بالقيم الاسلامية  تبدو وحدة المنهج ، واستقامة الطريق . ليؤتيهم كفلين من رحمته ، ويجعل لهم نوراً يمشون به ويغفر لهم .
والحض على القيم منهج قرآني؛ والعقل البشري حين يتحرك في إطار الوحي لا يتحرك في مجال ضيق ، إنما يتحرك في مجال واسع جداً . . يتحرك في مجال هو هذا الوجود كله ، يتحرك في أغوار النفس , والوحي لا يكف العقل عن شيء إلا عن انحراف المنهج ، وسوء الرؤية والتواء الأهواء والشهوات! وبعد ذلك يدفعه إلى الحركة والنشاط دفعاً . فهذه الأداة العظيمة التي وهبها الله للإنسان . . العقل . . إنما وهبها له لتعمل وتنشط في حراسة القيم والهدى الرباني . .
الله - سبحانه - يقرر أنه هو - وحده - صاحب الحق في وضع هذا الميزان . وصاحب الحق في وزن الناس به ، وتقرير من هو المهتدي ، ومن هو الضال . ليس « المجتمع » هو الذي يصدر هذه الأحكام وفق اصطلاحاته المتقلبة . . ليس المجتمع الذي تتغير أشكاله ومقوماته المادية ، فتتغير قيمه وأحكامه , إنها عزة هذه العقيدة ، واستعلاؤها على قيم الأرض الزائفة ، وتخلصها من الاعتبارات البشرية الصغيرة . .لقد أُمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقدمها للناس دون زخرف ولا طلاء؛ ودون إطماع في شيء من قيم الأرض ولا إغراء . . لا بد من قاعدة للحكم على عقائد الناس وتصوراتهم وقيمهم وموازينهم ونشاطهم وأعمالهم
هناك قيم وأخلاق ربانية إسلامية؛ وقيم وأخلاق رجعية جاهلية! فالمجتمعات التي تسود فيها القيم والأخلاق والنزعات الحيوانية ، لا يمكن أن تكون مجتمعات متحضرة ، مهما تبلغ من التقدم الصناعي والاقتصادي والعلمي! إن هذا المقياس لا يخطئ في قياس مدى التقدم في الإنسان ذاته
الإسلام يعين قيماً ذاتية له يقررها الله - سبحانه - وهذه القيم تثبت مع تغير « أشكال » المجتمعات . . والمجتمع الذي يخرج عليها غير إسلامي . . مجتمع جاهلي . . مجتمع مشرك بالله ، لأنه يدع لغير الله - من البشر - أن يصطلح على غير ما قرره الله من القيم والموازين والتصورات والأخلاق ، والأنظمة والأوضاع ولا تلتبس قيمة واحدة من قيم هذه الأرض بهذه الدعوة النازلة من السماء . كان الرعيل الأولون ينظرون إلى قيم الحياة . كانوا يعدون الفضل الأول والرحمة الأولى هي ما جاءهم من الله من موعظة وهدى
ينقسم الناس الى الفئة الممتازة الفذة التي ترفعها القيم  إلى مستوى الحقيقة الإيمانية الكبرى ، التي تصغر معها كل قيم الأرض ، وتذوب في حرارتها كل عوائقها فمدار القيم تحقيق حقيقة الإيمان في القلب؛ وما ينبثق عن هذه الحقيقة من خشوع وتقوى ، ومن خلوص وتجرد ، ومن بذل وتضحية ، فقد سارت في إقرار هذه الحقيقة في النفوس التي كانت تواجهها - والتي توجد في كل مجتمع إسلامي - على نسق مؤثر ، حافل بالمؤثرات ذات الإيقاع الآسر للقلب والحس والمشاعر!وفئة أخرى ليست في هذا المستوى الإيماني الخالص الرفيع
وفئة ثالثة هم المنافقين ، طبيعته التخفي والانزواء؛ مع بقاء قلوبهم مشوبة غير خالصة ولا مخلصة يتربصون الفرص وتجرفهم الفتن . فرب مستقيم في الظاهر لا يخرج عن أدنى عوج في الحقيقة
لا بد من قيم تحكم الحياة الإنسانية؛ وهذه القيم الأخرى هي التي يمكن أن تعطي للأرزاق المادية والتيسيرات المادية قيمتها في حياة الناس؛ وهي التي يمكن أن تجعل منها مادة سعادة وراحة لبني الإنسان .إن المنهج الذي يحكم حياة مجموعة من البشر هو الذي يحدد قيمة الأرزاق المادية في حياتهم . هو الذي يجعلها عنصر سعادة أو عنصر شقاء . كما يجعلها سبباً للرقي الإنساني أو مزلقاً للارتكاس!ومن هنا كان التركيز على قيمة هذا الدين في حياة أهله :{ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ، وشفاء لما في الصدور ، وهدى ورحمة للمؤمنين . قل : بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.
ومن هنا كان الذين تلقوا هذا القرآن أول مرة يدركون هذه القيمة العليا ، فيقول عمر - رضي الله عنه - عن المال والأنعام : « ليس هذا هو الذي يقول الله تعالى : { قل : بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} وتعبيدهم لله وحده ، وإقامة حياتهم كلها على أساس هذا الانطلاق الذي يرفع تصوراتهم ، ويرفع قيمهم ، ويرفع أخلاقهم .

ورد في الخبر : « من تعلم وعلم وعمل فذاك يدعى عظيماً في السموات » ان المجتمع الفاضل الذي يقيمه الإسلام بهدى القرآن مجتمع له أدب رفيع ، ولكل فرد فيه كرامته التي لا تمس . وهي من كرامة المجموع . ولمز أي فرد هو لمز لذات النفس ، لأن الجماعة كلها وحدة ، كرامتها واحدة .وفي التعبير إيحاء خفي بأن القيم الظاهرة التي يراها الرجال في أنفسهم ويراها النساء في أنفسهن ليست هي القيم الحقيقية ، التي يوزن بها الناس . فهناك قيم أخرى ، قد تكون خافية عليهم ، يعلمها الله ، ويزن بها العباد . وقد يسخر الرجل الغني من الرجل الفقير . والرجل القوي من الرجل الضعيف ، والرجل السوي من الرجل المؤوف . وقد يسخر الذكي الماهر من الساذج الخام . وقد يسخر ذو الأولاد من العقيم . وذو العصبية من اليتيم . . . وقد تسخر الجميلة من القبيحة ، والشابة من العجوز ، والمعتدلة من المشوهة ، والغنية من الفقيرة . . ولكن هذه وأمثالها من قيم الأرض ليست هي المقياس ، فميزان الله يرفع ويخفض بغير هذه الموازين!والقرآن لا يكتفي بهذا الإحياء ، بل يستجيش عاطفة الأخوة الإيمانية ، ويذكر الذين آمنوا بأنهم نفس واحدة من يلمزها فقد لمزها { ولا تلمزوا أنفسكم }. واللمز : العيب . ولكن للفظة جرساً وظلاً؛ فكأنما هي وخزة حسية لا عيبة معنوية!ومن السخرية واللمز التنابز بالألقاب التي يكرهها أصحابها ، ويحسون فيها سخرية وعيباً . ومن حق المؤمن على المؤمن ألا يناديه بلقب يكرهه ويزري به . ومن أدب المؤمن ألا يؤذي أخاه بمثل هذا . وقد غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسماء وألقاباً كانت في الجاهلية لأصحابها ، أحس فيها بحسه المرهف ، وقلبه الكريم ، بما يزري بأصحابها ، أو يصفهم بوصف ذميم .
والقيم " بفتح القاف وتشديد الياء : وصف مبالغة قائم بمعنى معتدل غير معوج وإطلاق القيام على الاعتدال والاستقامة مجاز لأن المرء إذا قام اعتدلت قامته فيلزم الاعتدال القيام . والأحسن أن نجعل القيم للمبالغة يحتاج إليه والوفاء بما فيه صلاح المقوم عليه فالإسلام قيم بالأمة وحاجتها بمعنى مدبر له ومصلح


هناك تعليق واحد :

  1. روعة المؤمن في قيم الاسلام التي دعى لها الاسلام وساعدها في نشرها ربي احفظنا بقيم الاسلام واجعلنا له مبتدئين به نسير وعليها ندعوا ونحي ونموت

    ردحذف

يتم التشغيل بواسطة Blogger.